ليالي دمشق لم تكن عادية… كانت تتنفس فنًّا.
دار الأوبرا امتلأت حتى آخر مقعد، وجوه من الفن، الثقافة، المجتمع، والسياسة، كلهم اجتمعوا على موعدٍ مع الدهشة.
هناك، على خشبةٍ تحوّلت إلى مرآةٍ للأندلس، وُلد العرض الموسيقي "وردة إشبيليا تاج العروس"،
عملٌ حمل من اسمه البهاء، ومن روحه نكهة الضوء والورد والموسيقا.
العرض لم يكن مجرد مسرح…
كان لوحةً تمشي على إيقاعٍ راقص، قصيدةً تُغنّى بالجسد والظل، وموسيقا تُضيء العيون قبل الآذان.
تناسقت الإضاءة مع الرقصات في حوارٍ صامتٍ بين الضوء والحركة،
أزياء تروي الزمن، ومشاهد تنسج العشق الأندلسي بلمسةٍ معاصرة تنبض بالحياة.
وفي قلب هذا الجمال، يقف أحمد زهير — المخرج الذي لا يكتفي بأن يرى، بل يُعيد خلق الرؤية نفسها.
فنان يعرف أن التفاصيل هي اللغة الأولى للجمال،
ينحت المشهد كما ينحت شاعرٌ بيت القصيد،
يضبط إيقاع الخطوة كما يضبط الموسيقي نبض النغمة،
ويحوّل التعب والجنون إلى سيمفونيةٍ من الضوء والإتقان.
زهير لا يخرج عرضًا…
هو يبني عالَمًا متكاملًا من الإحساس.
كل زاوية تحمل توقيعه، كل مشهد يهمس باسمه دون أن يُقال.
هو المخرج الذي يفكر بالنبضة قبل الكلمة، وبالظل قبل الضوء.
حين يقف في الكواليس، تشعر أن المكان كله يتنفس على إيقاع صمته.
"وردة إشبيليا" لم تكن فقط تاج العروس،
كانت تاج المسرح السوري الحديث،
لحظة التقت فيها الحرفة بالشغف، والخيال بالانضباط، والفن بالحلم.
أما أحمد زهير فكان هناك، خلف الستار، يبتسم بهدوء العارف…
لأن من يزرع الجمال، لا يحتاج ان يشرحه
وجوة تعبيريةوجوة تعبيرية